حلم يقظة راودني مع أول تحرك سياسي فعلي ومعلن لمحمد البرادعي المرشح المنتظر لرئاسة مصر، عندما ذهب للقاء عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية بمقر الأمانة العامة للجامعة..
فاللقاء بالطبع لم ولن يمر مرور الكرام، حيث نشطت الكواليس وراجت التكهنات حول طبيعته والنتائج التي ستترتب عليه.. زاد منها اكتفاء مدير مكتب موسى القول عقب اللقاء أنه "لا يجب النظر إلى اللقاء بحساسية"!.
ولكن حلم اليقظة الذي شطح فيه الخيال كان "حساساً".. فهل كان اللقاء لتشكيل "تحالف" سياسي ما بين الشخصين؟ وهل يبحث البرادعي عن دعم موسى له من خلال دور واضح.. كأن يكون عمرو موسى "الرجل الثاني" في مصر حال فوز البرادعي بكرسي الرئاسة، بمعنى أن يكون "نائبا للرئيس" البرادعي بعد 20 شهرا من الآن؟
التكهن بالإجابات صعب للغاية بالطبع حالياً، ولكن يمكن التخمين أنه إذا كان اللقاء بهدف ترتيب الأوضاع بين الرجلين لخوض انتخابات 2011 على قلب رجل واحد، فإن هذا "التحالف" تدعمه بعض الأمور من منطلق "إفادة واستفادة"..
- يعرف موسى أن الطريق للرئاسة ليس مفروشا بالورود في ظل المادة 76 من الدستور، فلماذا لا يقف بجوار البرادعي "زميل العمل القديم في وزارة الخارجية" في معركته الرئاسية خاصة أنه يلقى تأييدا شعبيا لا بأس به، ومن ثم يصبح له مكانا قويا بجواره –ومن يعلم- فقد يكون قبوله بدور "الرجل الثاني" الآن هو الطريق الأسهل لأن يكون "الرجل الأول" بعد عدة سنوات!.
- بعد تصريحات البرادعي الفضائية أشار البعض (خاصة على الفيس بوك) إلى أن البرادعي رجل يجيد استخدام عقله وليس لسانه وهادئ إلى حد ما..، وهنا قد يفكر البرادعي بتواجد شخص بجواره يكون صاحب كاريزما ويتحدث بلباقة ويستطيع الرد بالحجج، وهي أمور تتوافر بموسى منذ أن كان وزيرا للخارجية.
- أن منصب نائب الرئيس كان قريبا من موسى في مطلع الألفية، عندما أعلن الرئيس مبارك وقتها أنه يدرس عدة أسماء مرشحة لهذا المنصب، فرشح الشارع المصري موسى لهذا الموقع الكبير، ولكن موسى فوجئ بترشيحه كأمين عام للجامعة، وهو ما اعتبره محللون أنه إقصاء لموسى نتيجة زيادة شعبيه وليس تكريم له.
- ما يلاقيه عمرو موسى من تحركات عربية قد تجعله لا يستمر في منصبه كأمين لجامعة الدول العربية، بعد أن ظهر اتجاه لتدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية بين دولها الأعضاء وعدم قصره على دولة المقرّ مصر، وهو الأمر الذي تردد بين عدة عواصم عربية مؤخرا (من بينها الجزائر).
- إعلان عمرو موسى قبل أسابيع عن رغبته في ترك منصبه كأمين للجامعة في النصف الأول من العام القادم حيث من المقرر أن تنتهي ولايته الثانية رافضا التجديد لولاية ثالثة.
- يدعم التخمينات أن لقاء موسى والبرادعي جاء بناء على طلب من الأخير، وهو ما يثير المزيد من التساؤلات والغموض حول المقابلة التي وصفت أنها "بين صديقين قديمين"، فإذا كانت حقا كذلك فلماذا تم عقدها بمقر الأمانة العامة للجامعة ولم تعقد في منزل البرادعي على سبيل المثال طالما أنه اجتماع بين صديقين؟.
...
الأمور السابقة قد تجعل التحالف وشيكاً، وقد يعلن "المرشح" البرادعي قريبا وعلى طريقة الانتخابات الأمريكية اختيار موسى نائبا له، وقد نسمعه يردد ما قاله "المرشح" أوباما عن نائبه "بايدن" عندما اختاره في معركة الوصول إلى البيت الأبيض: "إنه شريك مثالي للعمل على إعادة البلاد إلى الطريق السليم"، ووقتها قد نسمع موسى يردد ما قاله بايدن في ذات الموقف: "أنا فخور لوقوفي إلى جانب الرئيس المقبل للولايات المتحدة"!.
على أي حال.. إذا كان التحالف سيتم فعليا فهي "ضربة معلم" من البرادعي تُحسب له، فموسى صاحب شعبية جارفة صنعها لنفسه كواحد من أبرز وأشهر وزراء الخارجية في مصر، وهو ما سيروق كثيرا للمصريين الذين غنوا لموسى من قبل مع شعبان عبد الرحيم "بحب عمرو موسى".
